الاتصال اللاسلكي الحر ـ تقنية بديلة للاتصال المركزي


هل يمكن أن تتحرر الشبكة العنكبوتية يوماً من قيود التحكم المركزي والسعي وراء الربح المادي؟ هل يمكن أن تصبح الشبكة العنكبوتية يوماً ما مورداً عموميا يُستخدَم تماماً كما تُستخدَم اﻷرصفة والإنارة العمومية؟ هل يمكن إنشاء شبكات محلية للاتصال دون اللجوء لموفري خدمات الإنترنت؟ هل يمكن التحرر من قيود الرقابة وخلق فضاءات جديدة للتضامن؟ الجواب عن هذه اﻷسئلة وعن أسئلة أخرى يأتينا من شبكات الاتصال الموزع التي بدأت في الانتشار مؤخراً في العديد من البلدان. في موضوع اليوم، سوف سنتطرق بالخصوص لشبكة  [1] Freifunk التي قطعت أشواطاً هامة في هذا المجال.

 

أول تجربة لي مع الشبكات المحلية كانت في الإقامة الجامعية منذ عدة سنوات، حيث كان بإمكان الطلاب المقيمين آنذاك أن يستخدموا الشبكة المحلية لتبادل كافة الموارد الرقمية فيما بينهم. مرت العديد من السنوات بعد ذلك، قبل أن تسنح لي الفرصة بزيارة لقاء منظم من قبل مجموعة لينكس المحلية [2] للتعرف عن قرب على تقنية جديدة كانت قد أثارت اهتمامي منذ مدة، وهي تقنية الاتصال اللاسلكي الحر. تعتمد هذه التقنية على مفهوم الشبكات المتداخلة التي ترتكز على نظام الند للند، وهو نظام تتبادل فيه المُوجّهات أو عُقَدُ الاتصال حُزَيمات البيانات فيما بينها بشكل مباشر، على عكس أنظمة "العميل/الخادم" التقليدية التي تعتمد على طوبولوجيا حلقية يتلقى فيها العملاء البيانات من الخادم، كما هو موضح في الصورتين أدناه.

Standard connection                  Mesh Network

 الطوبولوجيا الحلقية ـ من الخادم إلى العملاء              تقنية الشبكات المتداخلة

تُحسَبُ المسارات التي تسلكها البيانات عبر الشبكة المتداخلة بشكل ديناميكي وفق تَوافُر عُقَد الاتصال، وذلك باللجوء إلى بروتوكولات خاصة كبروتوكول [3] OLSR أو  [4] B.A.T.M.A.N. وينظم الاتصال داخل هذا النوع من الشبكات بشكل ذاتي، حيث يتولى البرنامج الثابت المُدمَج في المُوجّه مهمة البحث عن الشركاء المتوفرين في الشبكة بشكل ديناميكي، ليتم بذلك إنشاء الشبكة المتداخلة التي تزداد اتساعاً كلما ازداد عدد عُقد الاتصال (الحواسيب الموصولة).
تسمح شبكات الاتصال اللاسلكي الحر بتبادل الموارد الرقمية بدون اللجوء للإنترنت، كما يمكن من خلالها استخدام خدمات اتصال متعددة كالدردشة والاتصال الهاتفي المجاني، أو إطلاق محطات إذاعية للتواصل مع بقية المستخدمين دون رقابة ولا تحكم من قبل مزودي الإنترنت الذين قد يقومون في بعض اﻷحيان بتقليص عرض النطاق أو إلغاء خدمات معينة. وبذلك، فإن هذه التقنية تمثل مشروعاً مجتمعياً يسعى إلى تقوية حس التضامن وتشجيع العمل التطوعي مقابل اكتساب مهارات تقنية وتنظيمية عبر المشاركة في إنشاء الشبكة وتوسيعها
[5]. من الممكن أيضاً ربط المُوَجّه المَوْصُول بالإنترنت (المُوجه المُشفَّر) بالمُوجّه المُهيأ للاتصال بشبكة الاتصال اللاسلكي الحر.

Routers_Standard_Freifunk

وبفضل توزيعة لينكس الخاصة[6] المثبتة على موجه Freifunk، فإن المستخدم يتيح للآخرين إمكانية استخدام الإنترنت والخدمات اﻷخرى عبر شبكة افتراضية خاصة (VPN) تسمح بنقل البيانات عبر أنفاق مُؤَمَّنة مستقلة عن خط المستخدم الرقمي، مما يضمن تجهيل هوية المستخدم الخارجي وحماية صاحب الخط الرقمي وشبكته في آن واحد. تُزَوَّد مُوَجهات شبكة الاتصال اللاسلكي الحر ببرامج ثابتة طورها ناشطو المجموعات الجهوية بألمانيا، ولا يتطلب تحضير الموجه وتنصيب البرنامج الثابت أي عناء لإعداد عقدة الاتصال الجديدة. في الجزء الثاني من هذا الموضوع، سوف نتطرق للمزيد من التفاصيل حول هذه التقنية، وسوف نرى كيفية إعداد الموجه في منطقة كولونيا/بون.

---------------------------------------------------

[1] شبكة الاتصال اللاسلكي الحر https://kbu.freifunk.net/en//index.html
[2] مجموعة مستخدمي لينكس بمدينة ترويسدورف http://trolug.de/
[3] بروتوكول "توجيه حالة الوصلة المُحسَّن" https://www.ietf.org/rfc/rfc3626.txt
[4] بروتوكول "المنهج المُحسن لربط الشبكات الخاصة النقالة" http://www.cs.ucsb.edu/~davidj/Files/Batman_ifip.pdf
[5] شبكات الاتصال اللاسلكي الحر، مساهمة ضد الانقسام الرقمي، Christina Herlitschka
http://peira.org/der-freifunk-ein-beitrag-gegen-die-digitale-spaltung/
[6] توزيعة لينكس OpenWrt الخاصة للمعدات المضمنة https://openwrt.org/

Not f'd — you won't find me on Facebook